14 سبتمبر، 16:55 10 دقائق. اقرأ

الاقتصاد الأخضر في السعودية: إعادة هندسة نموذج التنمية لتحقيق الاستدامة الشاملة

يواجه العالم اليوم تحديات بيئية واقتصادية معقدة، تتطلب التحول نحو نماذج تنموية جديدة قائمة على الاستدامة. من أبرز هذه النماذج مفهوم "الاقتصاد الأخضر"، وهو نهج استراتيجي يجمع بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

المملكة العربية السعودية، ضمن رؤية 2030، تبنت هذا التوجه من خلال عدة مبادرات لإعادة تشكيل نموذج التنمية نحو مستقبل منخفض الكربون وكفء في استخدام الموارد. يستعرض هذا المقال مفهوم الاقتصاد الأخضر في السياق السعودي، وكيف يتم إعادة تصميم الهياكل الاقتصادية والمؤسسية للتكيف مع التحديات البيئية وخلق فرص تنموية جديدة.

تعريف وأبعاد الاقتصاد الأخضر

الاقتصاد الأخضر هو نموذج اقتصادي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة عبر:

  • تقليل انبعاثات الكربون.
  • تحسين كفاءة استخدام الموارد.
  • خلق وظائف في قطاعات صديقة للبيئة.

ووفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، الاقتصاد الأخضر هو: "اقتصاد يحقق رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية، مع خفض المخاطر البيئية بشكل كبير."

أبعاده الأساسية:

  • البعد البيئي: حماية النظم البيئية والحد من التلوث.
  • البعد الاقتصادي: تعزيز النمو المتوازن القائم على الابتكار.
  • البعد الاجتماعي: المساهمة في العدالة وخلق فرص عمل.
  • البعد التقني: دعم تطوير التقنيات المستدامة.

السياق السعودي: التحديات والدوافع

التحديات:

  • الاعتماد التاريخي على عوائد النفط كمصدر رئيسي للدخل.
  • الاستهلاك المحلي المرتفع للطاقة، خاصة في التكييف والنقل.
  • ندرة المياه والاعتماد على المياه الجوفية للزراعة.
  • الضغوط الدولية للالتزام بالاتفاقيات المناخية.

الدوافع:

  • تسارع تأثيرات التغير المناخي في المنطقة.
  • الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل وفق رؤية 2030.
  • وجود فرص ضخمة في الطاقة المتجددة والسياحة البيئية.

المبادرات السعودية في مجال الاقتصاد الأخضر

1. المبادرات الحكومية:

  • مبادرة السعودية الخضراء: تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة وخفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول 2030، وحماية 30% من الأراضي والمناطق البحرية.
  • مبادرة الشرق الأوسط الأخضر: إقليمية، لزراعة 50 مليار شجرة.
  • الاقتصاد الدائري للكربون: يعتمد على أربع ركائز: الخفض، إعادة الاستخدام، التدوير، والإزالة.

2. قطاع الطاقة:

  • مشاريع الطاقة الشمسية مثل محطة سكاكا (300 ميجاوات) ومشروع سدير (1500 ميجاوات).
  • مشاريع طاقة الرياح في دومة الجندل.
  • مشروع نيوم: مدينة ذكية تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة.

3. النقل المستدام:

  • تطوير بنية تحتية للسيارات الكهربائية.
  • مترو الرياض ومشاريع النقل العام بجدة والدمام.
  • تشجيع استيراد السيارات الهجينة والذكية.

إعادة هندسة النموذج الاقتصادي

أ. تنويع الاقتصاد:

  • دعم الزراعة الذكية باستخدام الري الحديث والطاقة الشمسية.
  • تشجيع السياحة البيئية في العلا والبحر الأحمر.
  • تطوير صناعات خضراء مثل إعادة التدوير والأجهزة الموفرة للطاقة.

ب. التحول المؤسسي:

  • إنشاء الهيئة العامة للأمن البيئي لمراقبة الأنشطة البيئية.
  • تعزيز الأنظمة واللوائح البيئية.
  • تطبيق معايير المباني الخضراء في المدن الكبرى.

ج. تحفيز الابتكار:

  • برامج مسرّعات لدعم الشركات الناشئة في مجال الاستدامة.
  • تمويل مشاريع الطاقة النظيفة عبر صندوق الاستثمارات العامة.
  • شراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث لتطوير حلول بيئية مبتكرة.

التحديات المستمرة

  • الحاجة لتغيير ثقافة الاستهلاك.
  • ضعف الوعي المجتمعي بالاقتصاد الأخضر.
  • نقص الكفاءات المتخصصة في الطاقة المتجددة والتقنيات البيئية.
  • الحاجة لمزيد من السياسات الصارمة والحوافز الاقتصادية.

الفرص المتاحة

  • خلق آلاف الوظائف في الطاقة المتجددة والنقل المستدام.
  • خفض الإنفاق الحكومي على دعم الوقود.
  • تحسين الصحة العامة عبر تقليل التلوث.
  • تعزيز تنافسية السعودية في الأسواق العالمية المستدامة.

دراسات حالة سعودية

  1. مشروع نيوم: مدينة مستقبلية تعتمد على الطاقة المتجددة وإعادة التدوير والتقنيات الذكية.
  2. مشروع البحر الأحمر: أول مشروع سياحي يعتمد 100% على الطاقة المتجددة مع الحفاظ على 75% من الجزر الطبيعية.
  3. شركة أكوا باور: من أبرز الشركات السعودية في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة داخل وخارج المملكة.
  4. دور المواطن في دعم الاقتصاد الأخضر
  5. ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه.
  6. استخدام النقل العام أو السيارات الكهربائية.
  7. دعم المنتجات المحلية والصديقة للبيئة.
  8. المشاركة في حملات التشجير وتنظيف البيئة.

الخاتمة:

الاقتصاد الأخضر يمثل فرصة استراتيجية للمملكة لإعادة صياغة نموذجها الاقتصادي بما يتماشى مع التحولات العالمية، مع ضمان الأمن البيئي والاجتماعي والاقتصادي.

من خلال إعادة هندسة النموذج التنموي، تحقق السعودية أهدافها البيئية وتؤسس لاقتصاد متنوع، مبتكر، وشامل. هذا التحول يتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص والأفراد. ورغم التحديات، فإن الفرص أعظم، ومستقبل السعودية الخضراء يعتمد على إرادتنا المشتركة.

المراجع:

  1. برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)
  2. رؤية السعودية 2030
  3. مبادرة السعودية الخضراء – greeninitiatives.gov.sa
  4. الهيئة العامة للأمن البيئي
  5. وزارة الطاقة (المملكة العربية السعودية)
  6. تقارير صندوق التنمية الصناعية السعودي
  7. مشروع نيوم – neom.com
  8. تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي حول الاقتصاد الأخضر
  9. البنك الدولي – الاقتصاد المستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  10. دراسة الاقتصاد الدائري للكربون – Nature Sustainability (2022)
  11. وزارة البيئة والمياه والزراعة
  12. شركة أكوا باور – acwapower.com
  13. الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة
  14. Nature Climate Change – 2023
  15. البوابة الرسمية لرؤية السعودية 2030
Logo

شركة بريز فنتشرز بي تي إي لتقنية نظم المعلومات

حي الملقا., أنس بن مالك, 3888, الرياض, المملكة العربية السعودية

© 2025 شركة بريز فنتشرز بي تي إي لتقنية نظم المعلومات